أينَ نَحنُ مِنهُم !!

كَم قدَّموا لهذا الدِّين وينظُرون لأنفسِهم نظرةَ افتقَارٍ ويشتكون قلَّة الزَّاد ليومِ المِعاد !

ماذا نقول نحن !

ماذا قدَّمنا لهذا الدِّين !؟

كلماتٍ مُنمَّقَّة !
أناشيد عذبة !
اعتِصاماتٍ أمَامَ الأسوار !

ماذا تحمَّلنا لأجل هذا الدِّين !؟

مُحاربةَ الأهل وتضييقهم !
الحِرمان ممَّا نشتهي !
استنكارَ النَّاس وازدراءهُم !
الاعتِزال والوحدة !

أينَ نَحنُ من تهافُتِ السِّياط على ظهرِ الإمام أحمد رحمهُ اللَّـه والفِتَن التي تعرَّض لها !

أينَ نَحنُ من ليالِ شيخِ الإسلام المُظلمة في سجن القلعة التي انتهَت بوفاتِه !

من حُرقةِ قلبه حين انتُزعَت منه كُتبه وأوراقه ودواتُه وشعرَ للحظة أنَّه سيتوقَّفُ عن خدمةِ هذه الأمَّة والرَّاحة ولو لأيَّام عن العمَلِ بما علِم !

لم يتحمَّل ذاكَ الأسدُ المِعطاء حتَّى قامَ بغسلِ رسائلِ تلاميذِه الَّتي يحتفِظُ بها لُيعيدَ الكتابةَ عليها ... ( بالفحم ) !!

للَّـهِ حَالُنَا يَا إخوَة ..

أحدنا يرى عدد مُتابعيه وتفاعلهم مع - نسخه ولصقه في كثير من الأحيَان - تُحادثه نفسُه بالرِّضا !!

أنتَ قدَّمت للأمَّة شيء عظيم ؛ انظُر إقبالَ النَّاس عليك !

أنتَ تُجاهد بكلمتك ، تفتحُ الحُصون ، تُحطِّمُ الأسوار ، وتهدِمُ السجون !

ابقَ على ثغرِك ... لاتعمَل بما تدعُو إليه !

حرِّض النَّاس على الجهادِ والبذلِ والاستشهَاد ثمَّ نَم قريرَ العَينِ في أحضانِ دُنيَاك !

هَل تَعلَم كَيفَ تحمَّل أئمتنا الأخيَار ماتحمَّلوا !؟

" لأنَّهم عَمِلُوا بِمَا عَلِمُوا ".

حرَّضَ شيخُ الاسلامِ على جهَادِ الأعداء بالسَّيف فكانَ في الصفِّ الأوَّل تشهدُ بِقاعُ الأرض على بذلِه وبطولاته ،

حرَّضَ على جهادِهم باللِّسان فكان سجنهُ الَّذي توفي فيه بسببِ مواقفِه الثابتةِ على الذُّود عن الحقِّ ودحضِ شُبه أهلِ البِدع والرَّد على عُلماء السَّلطان !

دعى الإمامُ أحمد لعقيدةٍ نقيَّة صافيَّة ...فكان أوَّل من بذلَ نفسَه وصبرَ على الأذى فيها !

أينَ نحنُ من صبرِهم ، من صِدقهم ، من إخلاصِهم ، من تفَانِيهم ، من ثباتِهم ؟

من حِرصهم على العملِ بالعلم قبل وعظِ النَّاسِ به ، فكانوا القُدوة ومصابيحَ الدُّجى الَّتي أضيئت من نورِ اللَّـه لتُضيء عتمةَ جهلنا وتقصيرنا وإسرافنا في أمرنا ؟

رحِمَهُم اللَّـه وَغَفرَ لَهُم وَجَزاهُم عَن أمَّةِ الإسلَامِ خِيرًا.