من هم الخوارج ؟ وهل هم كفار ؟ وكيف نعرف الخوارج ؟ وماهي اصول الخوارج ؟

بسم الله رب العباد , والصلاة على نبي الجهاد , محمدٌ خير العباد , وبعد
فقذ ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم جملة صفات في ذم الخوارج المارقين والأمر بقتالهم والتحريض على ذلك , والنهي عن موالاتهم والزجر عن ذلك , وهي كثيرة
فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : الخوارج كلاب النّار , وأنه قال : يقتلون اهل الإيمان ويدعون أهل الأوثان , وقال طوبى لمن قتلهم أو قتلوه , وقال شر قتلى قُتلوا تحت أديم السماء ، وخير قتلى من قتلوا كلاب النار , وقال : تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم وقرائتكم إلى قرائتهم
وغير ذلك من الصفات التي لا يسع المقام لذكرها كلها فقائمتها طويلة
ولعل السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل مسلم يقرأ شيئاً من هذه الأحاديث هو : من هُم الخوارِج ؟
الخوارج : هم طائفة يزيدون الأحكام عن حدها , ويطلقون الكفر على غير مستحقه
وهم مسلمون على القول الراجح , قال الخطابي فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر :
أَجْمَعَ عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ ‏الْخَوَارِج مَعَ ضَلَالَتهمْ فِرْقَة مِنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَجَازُوا مُنَاكَحَتهمْ وَأَكْل ذَبَائِحهمْ ، وَأَنَّهُمْ لَا يُكَفَّرُونَ مَا دَامُوا مُتَمَسِّكِينَ بِأَصْلِ الْإِسْلَام .
وقَالَ اِبْن بَطَّال :
ذَهَبَ جُمْهُور الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ الْخَوَارِج غَيْر خَارِجِينَ عَنْ جُمْلَة الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ " يَتَمَارَى فِي الْفُوق " لِأَنَّ التَّمَارِي مِنْ الشَّكّ ، وَإِذْ وَقَعَ الشَّكّ فِي ذَلِكَ لَمْ يُقْطَع عَلَيْهِمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْإِسْلَام ، لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عَقْد الْإِسْلَام بِيَقِينٍ لَمْ يَخْرُج مِنْهُ إِلَّا بِيَقِينٍ
قال الطالبي :
وأما الإمام الشافعي فإنه لم يفرق بين مذهب الخوارج وبين غيره من مذاهب الفرق الأخرى في عدم التكفير بها .
وقال ابن قدامة في المغني (8/106) :
الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذَّنْبِ ، وَيُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ ، وَكَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمْوَالَهُمْ ، إلَّا مَنْ خَرَجَ مَعَهُمْ ، فَظَاهِرُ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُمْ بُغَاةٌ ، حُكْمُهُمْ حُكْمُهُمْ .
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ .
والقول بعدم تكفيرهم هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية .
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (5/247) :
ومما يدل على أن الصحابة لم يكفروا الخوارج أنهم كانوا يصلون خلفهم وكان عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة يصلون خلف نجدة الحروري وكانوا أيضا يحدثونهم ويخاطبونهم كما يخاطب المسلم المسلم كما كان عبدالله بن عباس يجيب نجدة الحروري لما أرسل إليه يسأله عن مسائل وحديثه في البخاري ، وكما أجاب نافع بن الأزرق عن مسائل مشهورة وكان نافع يناظره في أشياء بالقرآن كما يتناظر المسلمان وما زالت سيرة المسلمين على هذا ما جعلوهم مرتدين كالذين قاتلهم الصديق .
فهم من المسلمين كما هو مجمع عليه عند جمهور العلماء , لكن والأهم من ذلك
أننا علمنا صفاتهم وعلمنا شرهم وعقابهم ولم نعلم كيف لنا أن نعرفهم
فإن هذه الصفات لا يصح أن نطلقها على كل من قام بها , فمثلاً لا يصح أن نقول لمن خشع في صلاته أو اطالها أنك خارجي , لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم , كما انه ليس لنا ان نقول لكل من حمل سلاحه يقاتل الكفار والمرتدين , أنك قاتلت المؤمنين فأنت من الخوارج المارقين , إنما ينبغي علينا أن نلتزم الأصول التي قررها أهل العلم الفحول , وهي على ثلاثة أقسام أجمعت الأمة عليها سلفاً وخلفاً وقد زاد بعضهم عليها وأنقص بعضهم منها , الا ان المجمع عليه أنها ثلاثة أصول إذا " اجتمعت " كلها في قومٍ أو جماعةٍ كانوا من جملة الخوارج المارقين وما لا فلا , وهيَ
1- أنهم يكفرون المسلم بالكبيرة وبالصغيرة وبالذنب وبكل جريرة , فهم يرون كفر الزاني والسارق وشارب الخمر وغيره , ولا يميزون بين الكافر والعاص , فيرونهم سواء .
2- أنهم يكفرون الحاكم الظالم إذا أتى شيئاً من المظالم أو المآثم ويرون وجوب الخروج على ولي الأمر الظالم وإن لم يكفر .
3- أنهم يرون الحاكم إذا كفر , كفرت معه الرعيَّة .

وقد زاد ابن حزم رحمه الله واحدة فقال : أنهم يرون جواز الخلافة في غير نسب النبي صلى الله عليه وسلم , وما دون ذلك فليسوا بالخوارج ا.هـ .

وهذه الاصول إنما جاءت من أصل واحد
يجب علينا أن نحفظه ونعلمه ونعلِّمه ونستعيذ بالله منه , الا وهو : أنهم يقولون أن الإيمان جزءٌ واحدٌ لا يتجزأ , فإذا ذهب بعضهُ ذهبَ كله , ولك أن تقيس الاصول الثلاثة التي ذكرناها آنفاً , مع هذه القاعدة وستفهم سبب قول علماء الإسلام أن هذه اصول الخوارج
أما أهل السنة فيرون أن الإيمان أجزاء وهو قول واعتقاد وعمل وهو يتجزأ , ويذهب بعضه ولا يذهب كله , ولسنا بصدد ذكر الأدلة
نسأل الله العفو والعافية
هذا والله تعالى أعلى وأعلم

كتبه أخوكم : يونُس العدناني